الصحفي حيدر انذار

 حيدر انذار

 المقولة المشهورة ” الحب من طرف واحد” ربما تصلح أن نحورها قليلا فكل شيء بات جائزاً في العراق هذه الأيام فالسرقة بإسم الدين حتى أصبحت انشودة المتظاهرين والتغطية على مليارات الدنانير من قِبلِ أنصاف الوطنين، فالأغلب لا يأبه ان تتكلم على العراق وتنتقص من سيادته او توغل في شتيمة شعبه .. وكأن أحد لم يسمع شيئا أو سمع نغمة موبايل قد رنت في جهاز وطن معطوب من الداخل.

لقد أفرحني واشعرني بنشوة وطنية قبل فترة الاستهجان الكبير والاستنكارات شديدة اللهجة والتهديد بقطع العلاقة الدبلوماسية ومقاطعة البضائع التركية على خلفية توغل قوات من الجيش التركي في شمال العراق بذريعة تدريب حشد الموصل، لكن سرعان ما تلاشت النشوة على يد (عراقيو إيران) بعد ان تذكرت موقفهم بل غضهم الطرف عن احتلال القوات الإيرانية لآبار الفكة في محافظة ميسان جنوب العراق في عام 2009 ولم نسمع هديرهم وزئيرهم هذا حينها؟، وكذلك استعانوا بجنرالات إيرانية في تدريبهم وحربهم ويعلنوها صراحة دون أي تردد او خجل بل خضع اغلبهم لدورات تدريبية داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا يقبلون باي تدخل غير التدخل الإيراني في العراق الا انهم لوحوا في الفترة الأخيرة الى العم (بوتن) بالترحيب لقربه من ايران، وروجوا له حتى جعلوا منه سيدا علويا ينحدر من إسرة هاشمية النسب، واعتبروا تواجد المدربين والمستشارين الامريكان احتلال على الرغم من ان اغلبهم قد اتى على ظهور الدبابات الامريكية وجعلوا منها قوات صديقة واليوم يصفونهم بالاحتلال! وتناسوا انهم ابرموا معهم اتفاقية ابان حكم المالكي مع الجيش الأمريكي بتدريب الجيش العراقي.

أما بخصوص تصريحات سفير السعودية في بغداد على احدى القنوات الفضائية وانتقاده للحشد الشعبي ولبعض المواقف السياسية والتي اعتبرها اغلبهم تدخلا بالشأن الداخلي العراقي فقد قامت الدنيا ولم تقعد واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمطالبة حكومة بغداد بطرد السفير من العراق وهددوا باقتحام السفارة، وعدوه تدخلا بالشأن الداخلي العراقي وهذا يبعث بالطمأنينة على مستقبل العراق بوجود هكذا روح حماسية واصوات وطنية؟ لكن قد فاتهم ربما تصريح مستشار الرئيس الإيراني روحاني عن توسع امبراطورية أيران حينما قال ”  إيران إمبراطورية عاصمتها بغداد” لا اعلم لماذا لم يستفزهم هذا التصريح؟ ولم يعدوه تدخلا بالشأن العراقي الداخلي! ولم يطالبوا بطرد السفير الإيراني من العراق او حتى تهديده ولو بالعراقي (احجاية التنكال) يا عمي وغطوا على السالفة.

نفس الكفة تكال لـ(عراقيو السعودية وتركيا ) أصحاب التصريحات النارية ووصف شريحة واسعة من أبناء الشعب العراقي بالمجوس والصفويين…وإطلاق عبارات على الجيش العراقي بالجيش الصفوي أو جيش “المالكي” في إشارة منهم الى ولائه لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لكنهم يبررون في نفس الوقت تواجد قوات تركية بل ويطالبون بتواجد قوات أمريكية في الوقت الذي يرفضون وبشدة تواجد ” الجنرال سليماني” وقوات إيرانية تقاتل في غرب العراق مع الحشد الشعبي ويبررون تصريحات السفير السعودي بانها وجهة نظر وليست تدخلا في الشأن العراقي الداخلي؟.

 فلا أعلم الفريق الأول تُثار لديه روح الوطنية عندما يتدخل أي بلد بالشأن العراق لكن هذه الروح سرعان ما تخمد ولا نراها تظهر للعلن عندما يصل الامر الى أيران الوطن الام؟ واما الفريق الاخر يبرر تدخل القوات التركية وتصريحات السفير السعودي لكنهم يرفضون بكل ما لديهم من عزم وقوة التصريحات النارية للتواجد الإيراني ؟، فلا اعلم هل تغيرت معايير الوطنية لدى هؤلاء أم أصبحت الوطنية من طرف واحد؟